تقدّم الباحث الدكتور الشيخ حسين التميمي بمشاركة علمية متخصصة ضمن أسبوع البحث العلمي الذي أقامته جامعة آل البيت (عليهم السلام) العالمية، وبمشاركة جامعة آل البيت (عليهم السلام) الإلكترونية، وذلك ببحثٍ علمي موسّع حمل عنوان «المنهج التاريخي والروائي في كتابة سيرة أم البنين (عليها السلام): تداخل أم تباين؟»، تناول فيه سيرة السيدة الجليلة أم البنين (عليها السلام) برؤية منهجية نقدية تجمع بين الدقة العلمية والبعد التحليلي المعاصر.وتوزّعت الدراسة على مبحثين رئيسين؛ خُصِّص المبحث الأول لبحث المنهج التاريخي في كتابة سيرة أم البنين (عليها السلام)، واشتمل على مطلبين، تناول الأول خصائص المنهج التاريخي في عرض السير الذاتية الإسلامية، من حيث تعريفه وأدوات التوثيق والتحقيق ومعايير تقييم الروايات التاريخية، مع إبراز مسلك المدرسة الأصولية المعاصرة، ولا سيما موقف السيد الخوئي (قدس سره) القائم على الصرامة السندية، ورؤية السيد السيستاني (دام ظله) التي تؤكد التفريق بين الرواية ذات الأثر الشرعي والرواية ذات البعد الوجداني. أما المطلب الثاني فقد عالج واقع المصادر التاريخية التي تناولت سيرة أم البنين (عليها السلام)، مبيّنًا محدودية النصوص الموثّقة واعتماد الكثير من المعطيات المتداولة على مصادر متأخرة أو روايات مرسلة.أما المبحث الثاني فجاء بعنوان المنهج الروائي في كتابة سيرة أم البنين (عليها السلام)، وضمّ مطلبين، ركّز الأول على مفهوم المنهج الروائي ووظيفته في تشكيل الذاكرة الدينية والوعي الجمعي، مع الاستناد إلى آراء عدد من المفكرين الشيعة المعاصرين، من بينهم الدكتور محمد حسين الصغير، والعلامة باقر شريف القرشي، والسيد جعفر مرتضى العاملي، الذين أكدوا أهمية توظيف الرواية بوصفها أداة ثقافية وتربوية لا مصدرًا تأسيسيًا للتاريخ. في حين تناول المطلب الثاني أوجه التداخل بين المنهجين التاريخي والروائي، وحدود هذا التداخل وآثاره المنهجية في كتابة السيرة.وخلص البحث إلى أن العلاقة بين المنهجين ليست علاقة تباين أو تعارض، بل هي تداخل تكاملي مشروط، يقتضي اعتماد منهج تركيبي ناقد يحفظ للمنهج التاريخي دقته العلمية، ويصون للمنهج الروائي دوره في التعبير عن الوجدان الديني والرمزية القيمية، من دون الخلط بين ما هو موثّق وما هو تعبيري. كما أكد البحث أن سيرة أم البنين (عليها السلام) تمثل نموذجًا رساليًا لا يمكن استيعابه إلا من خلال هذا الجمع المنهجي الواعي.وتأتي هذه المشاركة بوصفها إسهامًا علميًا نوعيًا في مجال الدراسات السيرية والمنهجية، وإضافة معرفية تعزّز من حضور الدراسات الأكاديمية المتخصصة في تراث أهل البيت (عليهم السلام)، ولا سيما ما يتصل بالسيرة النسوية ودورها في بناء الوعي الديني المعاصر.











