تاريخ الحروب بين إيران وإسرائيل….

بقلم : شيماء بنعبيد … رئيسة تحرير الديوان الملكي

في قلب الشرق الأوسط، حيث تتشابك المصالح وتتصادم الطموحات، اندلع صراعٌ معقّد لم تهدأ فصوله منذ عقود. وفي الساعات الأولى من يوم الجمعة، الثالث عشر من يونيو، أشعلت إسرائيل فتيل معركة جديدة بشنّها سلسلة ضربات جوية غير مسبوقة، استهدفت منشآت نووية، ومصانع صواريخ باليستية، وقادة عسكريين، وعلماء نوويين في عمق الأراضي الإيرانية.
وهكذا، بدا أن الصراع يقترب من حافة الحرب المباشرة.

فكيف بدأ هذا العداء؟ وكيف تحوّلت علاقة الصداقة السابقة إلى خصومة متجذّرة؟ وما هي الأبعاد الخفية لهذا الصراع الذي يُهدّد استقرار العالم بأسره؟
تابع معي هذه الحلقة، وسأسرد لك القصة من بدايتها…

الفصل الأول: صراع العمالقة

الصراع بين إيران وإسرائيل ليس مجرد خلاف ثنائي، بل يُعد من أبرز المحاور التي تُشكّل ديناميكيات الشرق الأوسط برمّته. فمستقبل المنطقة بات مرهونًا إلى حدّ كبير بكيفية تطور هذا الصراع المعقّد.
ولكي نفهم أُسُس هذا الصراع، لا بد أن نعود إلى عام 1979، تحديدًا بعد الثورة الإسلامية في إيران وسقوط حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وصعود الإمام الخميني إلى السلطة.

عندها، تغيّرت بوصلـة السياسة الإيرانية تمامًا، إذ تبنّت الثورة موقفًا معاديًا لإسرائيل، ووصفتها بـ”الكيان الصهيوني الغاصب” و”الورم السرطاني” الذي يجب استئصاله.

ومنذ ذلك الحين، بدأت إيران تدعم حركات المقاومة في أنحاء الشرق الأوسط، وكان أبرزها “حزب الله” الذي ساهمت في تأسيسه إبّان الاحتلال الإسرائيلي للبنان، لتبدأ أولى محطات الحرب بالوكالة.

الفصل الثاني: الحرب بالوكالة

كان الظهور الأول للحرب بالوكالة عندما دعمت إيران فصائل مسلحة في فلسطين ولبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1982. ومن هناك، بدأت طهران تكسب نفوذًا واسعًا في المنطقة من خلال حلفائها، وهو ما أدّى إلى تصاعد المواجهة غير المباشرة مع إسرائيل.

فبينما تشنّ إسرائيل غارات جوية ضد مواقع مرتبطة بإيران في سوريا ولبنان، تواصل إيران تسليح وتمويل جماعات معادية لها.

لكن، هل هذه هي الأسباب الوحيدة التي دفعت إسرائيل إلى تصعيد الصراع؟ بالتأكيد لا…

الفصل الثالث: البرنامج النووي الإيراني

في خضمّ أجواء الحرب الباردة والصراعات غير المباشرة، أعلنت إيران مطلع الألفية الثالثة عن بدء إنشاء محطة جديدة للطاقة النووية في “دارخوين” بقدرة 360 ميجاوات، كما كشفت عن نيتها استكشاف مناجم اليورانيوم وبناء محطات نووية متوسطة الحجم.

هذا التطور أثار قلق إسرائيل ودفعها إلى خوض معركة مفتوحة لإعاقة المشروع الإيراني، عبر الضغوط الدبلوماسية، والهجمات السيبرانية، والعمليات الاستخباراتية المعقّدة.

ورغم ذلك، تمكّنت إيران من تطوير برنامجها، حتى أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أكتوبر 2023 أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب تجاوز الحدّ المسموح به بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 بأكثر من 22 ضعفًا، مع إمكانية تصنيع قنبلة نووية واحدة خلال أسبوع، وسبع قنابل خلال شهر واحد فقط.

هذا الإعلان أحدث صدمة، ودفع إسرائيل للانتقال إلى مرحلة أكثر خطورة في صراعها.

الفصل الرابع: حرب الظل

رغم تأكيد إيران أن برنامجها النووي سلمي ويهدف لتوليد الطاقة، ترى إسرائيل والغرب أن الأمر لا يعدو كونه غطاءً لتطوير سلاح نووي.

وهكذا، انتقل الصراع من المواجهة العسكرية… إلى حروب الظل.

فبدأت سلسلة اغتيالات استهدفت علماءً نوويين، أبرزهم محسن فخري زاده، إضافة إلى مسؤولين عسكريين إيرانيين. وفي المقابل، تعرّضت إسرائيل لهجمات إلكترونية نُسبت إلى إيران، طالت منشآت حساسة وبُنى تحتية.

ثم تطوّر الصراع بشكل متسارع، ليصل إلى ذروته في منتصف يونيو 2025، حين استهدفت إسرائيل قيادات عسكرية عليا في إيران، من بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس أركان الجيش محمد باقري.

جاء الرد الإيراني سريعًا، عبر إطلاق أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا، وأكثر من 100 طائرة مُسيّرة، استهدفت عمق الأراضي الإسرائيلية.

وهكذا، تحوّل الصراع إلى مواجهة شاملة ذات أبعاد دينية، سياسية، واستراتيجية، تهدّد استقرار المنطقة والعالم.

في ظلّ هذه التطورات، دعت دول عربية إلى ضبط النفس، بينما أعلنت الولايات المتحدة دعمها الكامل لإسرائيل. في المقابل، دعت كل من الصين وروسيا إلى التهدئة الفورية.

لكن يبقى السؤال:
هل يمكن احتواء هذا التصعيد؟
أم أننا أمام بداية حرب شاملة قد تغيّر وجه المنطقة إلى الأبد؟

الخاتمة: نهاية أم بداية؟

إنها حرب من نوع جديد، تُدار بصمت… لكنها مدمّرة.
حرب تكسر قواعد الاشتباك التقليدية، وتدفع بالأطراف نحو مواجهات غير محسوبة العواقب.

فبينما يرى البعض أن تجاوز إيران للخطوط الحمراء النووية، وتصعيد إسرائيل لضرباتها داخل الأراضي الإيرانية، قد يُشعل شرارة المواجهة الكبرى، يرى آخرون أن الطرفين يدركان تمامًا التكاليف الباهظة لأي حرب شاملة.

فالدمار سيكون متبادلًا، والمنطقة برمتها قد تنزلق إلى فوضى يصعب احتواؤها.

ولهذا، قد يستمر الصراع في إطار “حرب الظل” والضربات المحدودة، في توازن مرعب يمنع الانفجار الكامل… لكنه لا يوقفه.

admin@gmail.com

Writer & Blogger

المقالة السابقة
المقالة التالية

You May Also Like

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

About Company

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.

Latest News

  • All Posts
  • التحقيقات
  • الدراسات والبحوث
  • الشؤون الاجتماعية
  • الشؤون السياسية
  • الكتب
  • المجلة
  • المقالات
  • النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي
  • الوثائقيات
  • تاريخ الديوان الملكي
  • رياضة
  • غير معرف
  • فن

Newsletter

أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

Unlock Premium Content!

Sign up for our
premium membership today.

Categories

Tags

    بعض الاقسام

    روابط مهمة

    الرئيسية

    المقالات

    فريق العمل

    تواصل معنا

    العنوان :

    حي سيد الشهداء ( المدينة المنورة )

    كل الحقوق محفوظة لشركة  ( Digit fans ) 2025