بقلم : د حسين التميمي
يُلاحظ في المشهد الديني والفكري المعاصر أن بعض المنتسبين إلى الإيمان، حين تُقام عليهم الحجة ويتبيّن ضعف مادّتهم العلمية أو محدودية أدواتهم البحثية، لا يُسلمون للحق ولا يقفون للتأمل، بل يُصرّون على مواقفهم الباطلة ويستسلمون لغرورهم، وكأنّ العزّة بالإثم صارت لهم شعاراً.وهذه الظاهرة لا تنفصل عن سياقٍ أوسع من أزمات الفكر والمنهج، إذ إنّها تعبّر عن خللٍ في ثقافة التعلّم والتلقي، حيث يختلط الإيمان بالذات بالحق، فيصبح الاعتراف بالخطأ ضرباً من الهزيمة، لا خطوةً في طريق النضج العلمي.وغالباً ما يكون هذا السلوك نتاجاً لجهلٍ مركبٍ يجعل صاحبه لا يدرك مقدار ضعفه، أو لرغبةٍ دفينة في الظهور وطلب الشهرة عبر افتعال الخلافات ورفع الشعارات التي تُرضي العوام، أو نتيجة لتأثيراتٍ خارجيةٍ خفيةٍ تسعى لزرع الفتنة بين المؤمنين وتشتيت صفوفهم تحت غطاء النقاش العلمي. وما يدعو للأسف أنّ هذه الحالات تحوّل الحوار من وسيلةٍ للبحث عن الحقيقة إلى ساحةٍ للمناكفة والانتصار للذات، مما يضعف روح التفاهم ويُطفئ نور الموضوعية.وإنّ الواجب على من ينتمي إلى طريق الإيمان أن يتعامل مع الفكر بعينٍ نقديةٍ صادقة، وأن يتعلم كيف يُراجع نفسه دون حرج، فالحقيقة لا تخضع للأهواء ولا تُصنع بالصوت الأعلى، بل تُكتشف بالتجرد والبحث النزيه. ومن لا يمتلك شجاعة الاعتراف بالحق يظلّ أسير ذاته مهما رفع من شعارات الإصلاح والمعرفة.











