الدكتور الشيخ حسين التميمي يُعتبر الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه واله المثل الأعلى للبشرية، فهو القدوة التي تحاكيها النفوس الصالحة وتسعى إلى الاقتداء بها في جميع أبعاد الحياة. لقد جاء النبي صلى الله عليه واله برسالة ربانية شاملة، تهدف إلى إصلاح النفس والمجتمع، وتحقيق التوازن بين الفرد والمجتمع، وبين الدنيا والآخرة، كما جاء في القرآن الكريم: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا» (الأحزاب: 21).وهذه الآية تجعل الاقتداء بالرسول صلى الله عليه واله واجبًا لكل من أراد السعادة الحقيقية في حياته.وفي عصرنا المعاصر، تتضح أهمية الاقتداء بالنبي صلى الله عليه واله في مواجهة التحديات الفكرية والأخلاقية والاجتماعية. فالرسول صلى الله عليه واله نموذج للصدق والأمانة، كما أنه رمز للرحمة والتسامح، وقد جمع بين القوة في الحق واللين في التعامل، وهو درس عملي لكل من يسعى إلى قيادة ناجحة أو تأثير إيجابي في محيطه. وكما بيّن القرآن الكريم أن من خصائصه صلى الله عليه واله الخلق العظيم: «وإنك لعلى خلق عظيم» (القلم: 4)، وهو ما يجعله مرجعًا للأخلاق الإنسانية والسلوك القويم.والرسول صلى الله عليه واله كان قدوة في تنظيم العلاقات الاجتماعية والإنسانية، فهو يعامل الجميع بالعدل والرحمة، ويحث على حفظ حقوق الآخرين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. ومن هنا نستخلص أن المثل الأعلى ليس مجرد شعارات، بل هو سلوك يومي وتجربة حياة تتجلى في الصدق، والأمانة، والتواضع، والصبر، والرحمة. وقد جاء القرآن ليؤكد هذا المعنى عندما يقول: «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» (الحشر: 7)، فالاقتداء بالنبي صلى الله عليه واله يعني التمسك بما جاء به من هداية وتشريع.وكما أن الرسول صلى الله عليه واله يمثل المثل الأعلى في مواجهة الأزمات، فهو نموذج الصبر والثبات عند الشدائد، وقدوة في التسامح عند الانتصار، وهو ما يرسّخ في النفوس قيمة العدل والرحمة على مر العصور. ومن هنا، يمكننا القول إن دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه واله وفهم معاني القرآن الكريم الموجهة له، توفر للإنسان المعاصر خريطة طريق لحياة متوازنة مليئة بالنجاح الروحي والاجتماعي.وإن الاقتداء بالرسول الأعظم صلى الله عليه واله ليس حكرًا على زمان محدد، بل هو رسالة مستمرة لكل من يسعى إلى كمال الشخصية الإنسانية. ومن خلال التمسك بتعاليمه صلى الله عليه واله والسير على نهجه، تتحقق القيم الإنسانية السامية، ويصبح الإنسان قادرًا على بناء مجتمع متماسك قائم على الرحمة والعدل، وهو الهدف الذي أراده الله تعالى من إرسال نبيه محمد صلى الله عليه واله للبشرية جمعاء.
المفكر السوداني الدكتور حيدر ابراهيم يطلق مقترح الميثاق القومي للسلام والتنمية
الدكتور حيدر ابراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية يعيش المجتمع المدني ونشطاء التحول الديمقراطي والمجتمعي في السودان حالة ركود مطلق وبيات شتوي غير محدود، حتى كادت الأزمة السودانية أن تصبح الأزمة المنسية.وعلى الرغم من انه قد اقيمت بعض الورش ولكن لم يعرف شيئاً عن مخرجاتها وما تم تنفيذه منها حتى الان.ولم تحدث اي متابعة لمثل هذا النشاط المهم ، حتى على مستوى النشر ، مع اعتبار النشر من أهم نشاطات المجتمع المدني. لذا تحولت الورش إلى مجرد نشاط استهلاكي للوقت والمال لما تكلفه من تذاكر سفر واستضافة وغيرها ..من الواضح أن المجتمع المدني السوداني لم يحقق أهداف وفلسفة نشأة هذا المجتمع والتي تتمثل في تعميق وتعميم الفكر الديمقراطي بين قطاعات واسعة من الجماهير، بالإضافة إلى المساهمة في تكوين تنظيمات فعالة تحقق هذا الهدف.ضمن هذا الوضع بدأت إرهاصات تشير إلى الاهتمام بالأزمة السودانية قبل أن تصبح الأزمة المنسية، وظهرت بعض الإشارات على خطورة الأوضاع في السودان خصوصاً من ناحية المجاعة والأحوال الصحية.على المستوى الشخصي، أنا على يقين بأن السودان مؤهل لإنجاز عصر نهضة حقيقي حسب القدرات المادية والبشرية الكامنة التي لم تجد من يحولها إلى واقع وحقيقة منذ الاستقلال 1956، بالإضافة للكوادر البشرية التي أثبتت جدارتها حين عملت في المنظمات الدولية والإقليمية وعبر مساهمتها في تطور عدد من الدول العربية حديثة الاستقلال.اعتمدت في هذا اليقين والاقتناع بقدرات السودان الكامنة وإمكانية انطلاقها ودخول السودان في عصر نهضة سودانية متكامل حسب نظرية فيلسوف التاريخ أرنولد توينبي القائلة بقانون التحدي والاستجابة في قيام الحضارات بعد تجربة الحروب والكوارث. حيث يرى توينبي أن كثيراً من الحضارات العظيمة خرجت من مجتمعات عانت من ويلات حروب ساحقة وأزمات حربية وحروب أهلية، ورغم الدمار والخراب الذي لحق بهذه المجتمعات فإن هذه الأزمات حركت داخلها الوعي بضرورة السلام والبناء والتعمير، والدليل على صحة هذه النظرية تجارب دول النمور الآسيوية، وبالتحديد كوريا الجنوبية، وكذلك تجربة فيتنام، وتجربة رواندا الماثلة حديثاً، وحتى الصين التي تعرض شعبها لحرب الأفيون كانت قد نجحت في تجاوز تلك الأزمات وصارت القوة الاقتصادية العالمية الثانية.أحلم بان أرى السودان بعد هذه الأزمة والحرب الماحقة ينهض ويحلق في فضاء التقدم والإنتاج مثل طائر الفينيق الذي ينهض من الدمار والرماد محلقاً من جديد.تطاردني فكرة مفادها كيف ستكون استجابة السودانيين لتحدي هذه الحرب الأهلية اللعينة، وهل سيكون هذا التحدي الخطير والكارثي حافزاً لإنتاج عصر نهضة سوداني لتحقيق السلام والتنمية المادية والبشرية الفعالة والتنوير والإبداع ؟؟ أم سيستمر تكرار الفشل والخيبة الذي لازم النخبة السودانية (نخبة الأفندية) كما ظل يتكرر منذ الاستقلال، حيث عجزت الأحزاب عن الارتقاء إلى مستوى التحديات السابقة وظل تاريخ الوطن حلقة مفرغة من الانقلابات والبرلمانيات العقيمة بعيداً عن الديمقراطية المستدامة.. ويبقى السؤال، هل سيستمر عجز القادرين على التمام؟للأسف لم تعرف نخبة الأفندية التضحية ونكران الذات، بل ظلت تفكر دائماً في المناصب والمكانة الاجتماعية عقب كل ثورة شعبية.ومع ان مفاهيم المجتمع المدني قد تسربت الى مجتمعنا إلا ان النخبة حولتها إلى أحد سبل العيش والتكسب ونيل الامتيازات المادية. وقد عمل التمويل الأجنبي لهذه المجموعات المدنية على قتل روح التطوع التي كانت سائدة سابقاً، وبذا غدت ساحة المجتمع المدني مجالاً للتنافس الغير شريف للفوز بحصص التمويل الخارجي دون نتاج ملموس في ارض الواقع.هذه بمثابة صيحة تدعو ليقطة وصحوة نخبة الأفندية بأن تكون الاستجابة لتحديات الحرب الراهنة بداية الولوج لعصر نهضة حقيقية عن طريق العمل الجماعي ونكران الذات وإعلاء قيمة الوطن على المكاسب الذاتية.هذه دعوة لمؤتمر قومي شامل يضع أساساً لميثاق قومي للسلام والتنمية ويرسم تصوراً لآليات قومية للنهضة تحت شعار “نحو عصر نهضة سوداني”. ويمكن لمركز الدراسات السودانية العمل على تبني هذه الفكرة، لو قبل بها الجميع. ومن هنا نناشد مجموعات المجتمع المدني والنشطاء والمهتمين بالمساهمة الفكرية في تطوير هذا المقترح، لنمضي معاً الى الامام.
الهيئة السعودية للسياحة تطلق منصة عروض الشتاء تحت شعار “حيّاك بزود” الرياض:أعلنت الهيئة السعودية للسياحة عن إطلاق
أعلنت الهيئة السعودية للسياحة عن إطلاق منصة عروض شتاء السعودية تحت شعار “حيّاك بزود”، وذلك بالتعاون مع أكثر من 100 شريكٍ من القطاع الخاص، يقدمون العديد من العروض والباقات والخصومات الحصرية على رحلات الطيران وتذاكر الفعاليات والفنادق وغيرها من عروض السفر والسياحة، وذلك خلال برنامج شتاء السعودية الذي يستمر حتى نهاية الربع الأول من العام القادم 2026. وقد تم تصميم هذه المنصة على مبدأ الخصومات المضاعفة، حيث ترتفع نسبة الخصومات عند شراء المزيد من تذاكر الفعاليات أو رحلات الطيران أو ليالي الإقامة، بالإضافة إلى المزايا الحصرية والعروض المتنوعة، والتي يمكن الاطلاع عليها وحجزها عبر الرابط: VisitSaudi.com/SeasonalOffers. ويأتي إطلاق هذه المنصة في إطار دعم وتمكين شركاء منظومة السياحة السعودية من القطاع الخاص، وتحفيز الطلب على المنتجات عبر عروض تمديد الإقامة وغيرها من الخصومات الحصرية التي تحفز زيادة الإنفاق، إضافة لإبراز تنوع المنتجات السياحية لبرنامج شتاء السعودية لهذا العام. وكانت الهيئة السعودية للسياحة قد أعلنت في وقت سابق عن إطلاق برنامج شتاء السعودية تحت شعار “حيّ الشتاء” في عدد من الوجهات الرئيسية مثل: الرياض والدرعية وجدة والعلا والبحر الأحمر والمنطقة الشرقية، إضافة إلى وجهات أخرى نوعية تضم كل من القصيم وحائل والمدينة المنورة. كما تم الإعلان عن “جدول الفعاليات الاستثنائي” والكشف عن أبرز المواسم السياحية والأنشطة المميزة، والتي يمكن الاطّلاع على تفاصيلها عبر منصة “روح السعودية.
مؤتمر ومعرض التأمين العالمي (Ingate) يبحث مستقبل صناعة التأمين في الرياض
تستعد هيئة التأمين لإطلاق مؤتمر ومعرض التأمين العالمي (Ingate) خلال الفترة من 10 إلى 12 نوفمبر الجاري في قاعة ميادين بالرياض، تحت رعاية محمد بن عبدالله الجدعان وزير المالية ورئيس لجنة برنامج تطوير القطاع المالي، بمشاركة نخبة من الخبراء وقادة قطاع التأمين من داخل المملكة وخارجها.وأوضح المشرف العام على مؤتمر ومعرض التأمين العالمي (Ingate) أحمد بن سعيد الغامدي، أن المؤتمر يتناول أربعة محاور رئيسة تشمل إعادة تصور التنظيم الرقابي، ومنافذ التمويل الرأسمالي التي تجعل التأمين وجهة استثمارية واعدة، والتحول الذكي الذي يعيد ابتكار مستقبل الحماية عبر التقنيات الحديثة، إلى جانب محور الإنسان والكوكب الذي يعزز مفهوم الاستدامة البشرية والبيئية في صناعة التأمين، مشيرًا إلى الإقبال الكبير من الجهات المحلية والدولية للمشاركة في جلسات المؤتمر وورش عمله.ويُعد المؤتمر منصة عالمية تجمع أكثر من 100 متحدث و150 جهة محلية ودولية في أكثر من 40 جلسة حوارية وورشة عمل، لمناقشة مستقبل صناعة التأمين وتوسيع فرص نموها بما يواكب التحولات الاقتصادية، ويعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في خدمات التأمين وإعادة التأمين.ويحظى المؤتمر برعاية عدد من شركات التأمين القيادية؛ من أبرزها شركة التعاونية للتأمين (الراعي الاستراتيجي)، وشركة نجم لخدمات التأمين (راعي التمكين)، وشركة بوبا العربية للتأمين التعاوني (الراعي البلاتيني)، وشركة تكافل الراجحي للتأمين (الراعي الذهبي)، إلى جانب الرعاة الفضيّين شديد ري والعربية للتأمين والصقر للتأمين وولاء للتأمين التعاوني، فضلًا عن شركة (UIP) الراعي البرونزي، وشركة (سعودي ري) راعي التميز، والرعاة المشاركين مينا وتري.ويُعد مؤتمر ومعرض التأمين العالمي (Ingate) أول حدث من نوعه في المنطقة يُعنى بتطوير صناعة التأمين بمفهومها الحديث، بما يعكس توجه المملكة نحو بناء قطاع تأميني متقدم يسهم في دعم مسيرة التحول الاقتصادي وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
سنصلي في القدس”.. صوتٌ إنساني يواكب معاناة غزة في مصر
سلّط برنامج “سنصلي في القدس” الذي يقدّمه الإعلامي الفلسطيني عبدالرحمن أبوسنينة عبر قناة “أصيل” الفضائية، الضوء على أوضاع أهالي قطاع غزة في مصر في ظل التحديات الإنسانية والاقتصادية التي يواجهونها، متناولًا أوجه الدعم المصري المتواصل له وقدّم المراسل محمود حسين جهدًا ميدانيًا لافتًا من خلال تغطية خاصة رصد فيها الواقع الإنساني والمعيشي للغزيين في مصر، عاكسًا معاناتهم اليومية وآمالهم في حياة كريمة وأمل بالعودة. (برنامج سنصلي في القدس) من البرامج التي تُعنى بالجانب الإنساني والثقافي في المأساة الفلسطينية، إذ يستضيف شخصيات مصرية وفلسطينية بارزة من مختلف دول العالم، لمناقشة سبل دعم القضية الفلسطينية وتعزيز الوعي بالقضايا العربية والإسلامية.
د. محمد عبد الستار البغدادي : العراق يمر بلحظة مفصلية تتطلب رجال دولة يلتزمون بالعمل الجاد والإصلاح الفعلي .
أكد الدكتور محمد عبد الستار البغدادي، مرشح حركة الصادقون، في مؤتمر الانتخابي اليوم، أن العراق يمر بلحظة مفصلية تتطلب رجال دولة يلتزمون بالعمل الجاد والإصلاح الفعلي. وأضاف البغدادي أن الواجب لا يُؤجل والإصلاح لا يُقاس بالكلام، بل يجب أن يتحول إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع. ويأتي هذا التصريح في إطار الانتخابات المحلية التي تشهدها العراق، حيث تسعى حركة الصادقون إلى تقديم برنامج انتخابي يركز على الإصلاح والتنمية.¹ ويذكر أن الدكتور البغدادي لديه خبرة في المجال الاقتصادي ، وله تصريحات سابقة حول أهمية تطوير الاقتصاد العراقي وتخفيف العبء عن المواطنين.
د. محمود حسين : قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية جاء بضرورة احترام سيادة المغرب ووحدتها الترابية .
أكد الدكتور محمود حسين، نائب رئيس اتحاد الجامعات الدولي للشؤون الإعلامية، في لقاء خاص بقناة “ميدي 1” المغربية، على تأييده لقرار مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية. ويأتي هذا التأييد في إطار جهود الاتحاد لدعم القضايا العادلة والمشروعة في المنطقة.وأشار الدكتور حسين إلى أهمية دور الاتحاد في تعزيز الحوار والتفاهم بين الدول، مؤكدًا على ضرورة احترام سيادة المغرب ووحدتها الترابية. ويُعد هذا الموقف داعمًا لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب كحل واقعي وعملي للنزاع.²وجدد الدكتور حسين التأكيد على أهمية الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، معربًا عن ثقته في قدرة المغرب على تحقيق الاستقرار والتنمية في أقاليمه الجنوبية.³
“الانتحار في الواقع المعاصر: قراءة في الأسباب والمخاطر وسبل المعالجة
بقلم : الدكتور الشيخ حسين التميمي تُعدّ ظاهرة الانتحار من أخطر الظواهر النفسية والاجتماعية التي برزت في المجتمعات المعاصرة حتى أصبحت حديث الإعلام والمنصّات الرقمية والبيوت، لما تخلّفه من آثار موجعة على الفرد والمجتمع. وتشير التقارير الحديثة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أنّ ما يقارب (700 ألف حالة انتحار) تُسجّل سنوياً على مستوى العالم، وأنّ الانتحار يُعدّ من بين أعلى أربعة أسباب لوفاة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15-29) عاماً (منظمة الصحة العالمية، تقرير الصحة النفسية 2023)، هذه الأرقام تكشف حجم التحدي، وتدفع باتجاه دراسة أسبابه بعمق، وعدم التعامل معه بوصفه حدثاً عابراً أو نتيجة لحالة عاطفية طارئة.وتتوزّع أسباب الانتحار غالباً بين دوافع نفسية تنتج عن الاكتئاب والقلق الحاد والشعور بالعجز وفقدان المعنى؛ وأخرى اجتماعية نتيجة التفكك الأسري أو التنمر أو الضغط الاقتصادي؛ وثالثة تنبع من تراكم ثقافي يروّج لفكرة الهروب من الألم باعتبارها “خلاصاً”، وتُظهر دراسات علم النفس الإكلينيكي أنّ ما يقرب من (90%) من حالات الانتحار ترتبط باضطراب نفسي غير مُشخّص أو غير مُعالج، مثل الاكتئاب أو اضطرابات الشخصية أو الإدمان (جمعية الطب النفسي الأمريكية، الدليل الإكلينيكي لعام 2022)، وهنا تكمن خطورة الصمت عن الأعراض، إذ أن المصاب لا يعلن غالباً عن ألمه، بل قد يتظاهر بالهدوء أو القوة، وهو ما يُعرف بـ”الاكتئاب المقنّع”.وأمّا من الناحية الدينية، فقد جاءت النصوص الإسلامية واضحة في تحريم قتل النفس وتجريم الانتحار، وذلك لكون النفس أمانة إلهية لا يجوز التفريط بها. قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ (سورة النساء: 29). وفي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجّأ بها في نار جهنّم خالداً مخلداً فيها أبداً” (صحيح مسلم، كتاب الإيمان). لكنّ الإسلام، في الوقت ذاته، لا يُجرّم المريض ولا يُدين الضحية، بل يدعو إلى رعايته واحتوائه وصون كرامته، لأنّ الانتحار غالباً ليس قراراً واعياً بقدر ما هو انهيار تحت ضغط شديد.وإنّ التحوّلات الثقافية في مجتمعاتنا الحديثة جعلت الإنسان يعيش حالة قطيعة معرفية وروحية مع ذاته. فالثقافة الرقمية والاستهلاك السريع والمتابعة المستمرة لنماذج “السعادة المصنوعة” على المنصات، جعلت الفرد يقارن نفسه بغيره باستمرار، فيشعر بالنقص والدونية. وتشير دراسات علم الاجتماع الرقمي إلى أن الاستخدام المكثف لمنصات التواصل يزيد بنسبة (30%) من معدلات الاكتئاب لدى المراهقين (مجلة علم النفس الاجتماعي المعاصر، العدد 12، 2024). ومثل هذه الحالة تصنع فراغاً وجودياً يتفاقم تدريجياً، بحيث يصبح الإنسان غير قادر على رؤية معنى لحياته.ومما يزيد المشكلة تعقيداً، غياب الحوار الأسري الدافئ، إذ يشعر كثير من الشباب بأن بيوتهم ليست ملاذاً آمناً للبوح، بل ساحات توجيه ولوم ومطالبة، فيكتمون ألمهم، ويتحوّل الصمت إلى ألم مزمن. كما أنّ بعض البيئات المدرسية والجامعية والوظيفية لا تراعي الصحة النفسية، بل تستنزف الإنسان دون أن تفتح له منفذاً للتعبير.وإن معالجة هذه الظاهرة لا يمكن أن تكون بعلاج سطحي أو بخطاب وعظي فقط، بل تتطلب حلولاً متكاملة تشمل:أولاً: تعزيز الصحة النفسية في المدارس والجامعات عبر إدخال برنامج ثابت للتوعية النفسية وفتح عيادات استشارية مجانية وعلنية، ليعرف الشباب أنّ طلب المساعدة ليس ضعفاً بل شجاعة.ثانياً: التثقيف الأسري من خلال دورات وورش حول كيفية احتضان الأبناء، وإعادة بناء لغة الحوار القائمة على الإصغاء لا الاتهام.ثالثاً: تجريم التنمر الإلكتروني والمجتمعي لأنه أحد أبرز أسباب الانهيار النفسي، وقد أثبتت دراسات عالمية أن 20% من حالات الانتحار بين المراهقين كان المتنمرون دافعها المباشر.رابعاً: إحياء المعنى والارتباط الروحي عبر خطاب ديني معرفي لا تخويفي، يربط الشاب بالله بوصفه رحمة وأمناً لا تهديداً. فالإيمان الحقيقي يولد معنى، ومن يمتلك معنى يستطيع الاحتمل والمواجهة.خامساً: إتاحة خدمات العلاج النفسي بأسعار مناسبة لأن الكثيرين يملكون الألم ولا يملكون القدرة المالية للعلاج، وفي هذه الحالة يصبح المجتمع مسؤولاً وليس الفرد وحده.سادساً: صناعة محتوى إعلامي بديل يواجه المحتوى الذي يروّج للعزلة والسوداوية، ويحفّز على الأمل والعمل والتواصل.وإنّ أخطر ما يمكن أن نفعله تجاه هذه الظاهرة هو تجاهلها أو اختزالها في حكم ديني أو لوم أخلاقي، فالمنتحر ليس مجرماً، بل إنسان تعب ولم يجد يداً تُنقذه. والواجب أن نكون تلك اليد. فالمجتمع الراقي هو الذي يرى الألم في عيون أفراده قبل أن يتحوّل إلى مأساة، إنّ بناء الوعي النفسي ليس رفاهية، بل ضرورة وجودية لحماية أرواح أبنائنا وبناتنا.ويبقى الأمل قائماً، فكل إنسان قادر على النجاة حين يجد من يسمعه ويحتضنه ويفهم ظلامه دون إدانة. وما دام في القلب نور مهما كان ضعيفاً، فالحياة تستحق أن تُعاش، والإنسان يستحق أن يُنقذ.
عِفَّةُ الرِّجال: قيمةٌ أخلاقية في زمن الاضطراب القيمي
بقلم : الدكتور حسين التميمي تمثّل العفّة أحد أهم المفاهيم الأخلاقية في البناء الإنساني، وهي لا تختصّ بالمرأة كما يظنّ البعض، بل هي مبدأ شامل للإنسان المؤمن رجلاً كان أو امرأة، وقد جعلها الإسلام من أسمى درجات الكمال الخلقي للرجل لأنها تُعبّر عن انتصاره على شهواته وغرائزه، وتحكيمه للعقل والإيمان على الهوى. قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 9-10]، وهذه الآية تُشير إلى أن تزكية النفس، ومنها ضبط الشهوة، سبيل الفلاح والنجاح.والعفّة عند الرجال ليست مجرّد امتناعٍ عن الحرام، بل هي حالة وعي روحي وأخلاقي تُنتج سلوكاً منضبطاً يراعي كرامة الذات والآخر، وهي صورة من صور الرجولة الحقيقية التي تنبثق من مخافة الله، وقد قال أبو جعفر (عليه السلام): (إن أفضل العبادة عفة البطن والفرج) الكافي:2/79، وهي زينةٌ لأنها تحفظ للرجل هيبته في المجتمع وتجعله محطّ احترام الناس وثقتهم.وفي عصرٍ تداخلت فيه الوسائل الرقمية مع الحياة اليومية، أصبحت العفة امتحاناً يومياً للرجال في فضاءات التواصل والإعلام، حيث يُروَّج للتساهل في القيم وتُكسر الحدود الأخلاقية تحت شعارات الحرية والانفتاح. وهنا تتجلّى العفّة كقوة داخلية تصون البصيرة من الانزلاق، وتحفظ التوازن النفسي والاجتماعي، وتمنح الرجل هوية نقيّة في عالمٍ متقلّب.وقد أكّد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) هذا المعنى بقوله: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة» المستدرك: 4/357. فالعفّة ضمانٌ للكرامة في الدنيا وللجنة في الآخرة، وهي مقياس الثبات في مواجهة مغريات العصر، ودليل على اكتمال الإيمان كما جاء عنه (ص): « ثلاث أخافهن على أمتي من بعدي : الضلالة بعد المعرفة ومضلات الفتن وشهوة البطن والفرج . » (الكافي، 2/ 79).إنّ عفّة الرجال اليوم مشروع وعيٍ قيميّ ينبغي أن يُعاد تأصيله في الثقافة والإعلام والتربية الدينية، لتُبنى شخصية الرجل المؤمن على مبدأ الضبط الأخلاقي لا على الانفعال الغريزي، وبذلك يتحقق التوازن بين الطهارة الداخلية والرجولة الفاعلة التي تُصلح المجتمع وتُصان بها الأسرة.
العزّة بالإثم بين ضعف الوعي العلمي وغياب المنهجية في الحوار
بقلم : د حسين التميمي يُلاحظ في المشهد الديني والفكري المعاصر أن بعض المنتسبين إلى الإيمان، حين تُقام عليهم الحجة ويتبيّن ضعف مادّتهم العلمية أو محدودية أدواتهم البحثية، لا يُسلمون للحق ولا يقفون للتأمل، بل يُصرّون على مواقفهم الباطلة ويستسلمون لغرورهم، وكأنّ العزّة بالإثم صارت لهم شعاراً.وهذه الظاهرة لا تنفصل عن سياقٍ أوسع من أزمات الفكر والمنهج، إذ إنّها تعبّر عن خللٍ في ثقافة التعلّم والتلقي، حيث يختلط الإيمان بالذات بالحق، فيصبح الاعتراف بالخطأ ضرباً من الهزيمة، لا خطوةً في طريق النضج العلمي.وغالباً ما يكون هذا السلوك نتاجاً لجهلٍ مركبٍ يجعل صاحبه لا يدرك مقدار ضعفه، أو لرغبةٍ دفينة في الظهور وطلب الشهرة عبر افتعال الخلافات ورفع الشعارات التي تُرضي العوام، أو نتيجة لتأثيراتٍ خارجيةٍ خفيةٍ تسعى لزرع الفتنة بين المؤمنين وتشتيت صفوفهم تحت غطاء النقاش العلمي. وما يدعو للأسف أنّ هذه الحالات تحوّل الحوار من وسيلةٍ للبحث عن الحقيقة إلى ساحةٍ للمناكفة والانتصار للذات، مما يضعف روح التفاهم ويُطفئ نور الموضوعية.وإنّ الواجب على من ينتمي إلى طريق الإيمان أن يتعامل مع الفكر بعينٍ نقديةٍ صادقة، وأن يتعلم كيف يُراجع نفسه دون حرج، فالحقيقة لا تخضع للأهواء ولا تُصنع بالصوت الأعلى، بل تُكتشف بالتجرد والبحث النزيه. ومن لا يمتلك شجاعة الاعتراف بالحق يظلّ أسير ذاته مهما رفع من شعارات الإصلاح والمعرفة.